اتّفق المسلمون على تعظيم الإمام زين العابدين عليه السلام، وأجمعوا على الاعتراف له بالفضل، وأنّه علم شاهق في هذه الدنيا، لا يدانيه أحد في فضائله وعلمه وتقواه، وكان من مظاهر تبجيلهم له: أنّهم كانوا يتبركون بتقبيل يده ووضعها على عيونهم، ولم يقتصر تعظيمه على الذين صحبوه أو التقوا به، وإنّما شمل المؤرخين على اختلاف ميولهم واتّجاهاتهم، فقد رسموا بإعجاب وإكبار سيرته، وأضفوا عليه جميع الألقاب الكريمة والنعوت الشريفة.
أقوال وآراء معاصريه فيه عليه السلام
عبّر المعاصرون للإمام عليه السلام من العلماء والفقهاء والمؤرّخين بانطباعاتهم عن شخصيّته، وكلها إكبار وتعظيم له، سواء في ذلك من أخلص له في الودّ أو أضمر له العداوة والبغضاء، وفيما يلي نبذة من كلماتهم:
1 ـ قال الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري: " ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين عليه السلام ".
2 ـ كان عبد الله بن عباس على تقدّمه في السنّ يجلّ الإمام عليه السلام، وينحني خضوعاً له وتكريماً، فإذا رآه قام تعظيماً ورفع صوته قائل: " مرحباً بالحبيب ابن الحبيب ".
3 ـ وُصِف محمّد بن مسلم القرشي الزهري بالفقيه، وأحد الأئمّة الأعلام وعالم الحجاز والشام،وقد كان على خطّ غير أهل البيت عليهم السلام، ولكنّه أدلى بمجموعة من الكلمات القيّمة أعرب فيها عمّا يتصف به الإمام عليه السلام من القيم الكريمة والمُثل العظيمة، وهذه بعض كلماته:
أ ـ ما رأيت هاشمياً مثل عليّ بن الحسين...
ب ـ لم أدرك في أهل البيت رجلاً كان أفضل من علي بن الحسين.
ج ـ ... ما رأيت أحداً أفقه منه.
4 ـ سعيد بن المسيّب : وهو من الفقهاء البارزين في يثرب، وقال عنه الرواة: إنّه ليس من التابعين من هو أوسع منه علماً، وقد صحب الإمام عليه السلام ووقف على ورعه، وشدّة تحرّجه في الدين، وقد سجّل ما رآه بهذه الكلمات:
أ ـ ما رأيت قطّ أفضل من عليّ بن الحسين عليه السلام وما رأيته قطّ إلاّ مَقَتُّ نفسي....
ب ـ ما رأيت أورع منه....
ج ـ كان سعيد جالساً وإلى جانبه فتىً من قريش، فطلع الإمام عليه السلام، فسأل القريشيّ سعيداً عنه، فأجابه سعيد: " هذا سيّد العابدين ".
5 ـ زيد بن أسلم: وكان في طليعة فقهاء المدينة، ومن مفسِّري القرآن، وقد أدلى بعدّة كلمات بشأن الإمام عليه السلام، منها:
أ ـ ما جالست في أهل القبلة مثله.
ب ـ ما رأيت مثل عليّ بن الحسين فيهم، أي: في أهل البيت.
ج ـ ما رأيت مثل عليّ بن الحسين فهماً حافظاً.
6 ـ حماد بن زيد: وهو من أبرز فقهاء البصرة، اُعتبر من أئمّة المسلمين، قال فيه: " كان عليّ بن الحسين أفضل هاشميٍّ أدركته ".
7 ـ يحيى بن سعيد: " وهو من كبار التابعين، ومن أفاضل الفقهاء والعلماء، وقد قال: سمعت عليّ بن الحسين وكان أفضل هاشمي رأيته ".
8 ـ لقد تعدّى الاعتراف بالفضل للإمام عليه السلام إلى أعدائه ومبغضيه، فهذا يزيد بن معاوية وبعد أن ألحّ عليه أهل الشام في أن يخطب الإمام عليه السلام أبدى مخاوفه منه قائل: " إنّه من أهل بيت زُقّوا العلم زقّاً، إنّه لا ينزل إلاّ بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان..".
9 ـ عبد الملك بن مروان يقول للإمام عليه السلام: " ... إنّك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وعصرك، ولقد أوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك إلاّ من مضى من سلفك..".
10 ـ منصور الدوانيقي: قد أشاد بفضل الإمام عليه السلام في رسالته إلى ذي النفس الزكية بقوله: " ولم يولد فيكم -أي في العلويّين- بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله مولود مثله، أي مثل زين العابدين ".
آراء العلماء والمؤرخين فيه عليه السلام:
1 ـ قال اليعقوبي: " كان أفضل الناس وأشدّهم عبادة، وكان يسمّى: زين العابدين، وكان يسمّى أيضاً: ذا الثفنات، لما كان في وجهه من أثر السجود..".
2 ـ قال الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن الشافعي المعروف بابن عساكر في ترجمة الإمام عليه السلام: " كان عليّ بن الحسين ثقةً مأموناً، كثير الحديث، عالياً رفيعاً..".
3 ـ قال الذهبي: " كانت له جلالة عجيبة، وحقّ له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى; لشرفه وسؤدده وعلمه وتألّهه وكمال عقله..".
4 ـ قال الحافظ أبو نعيم: " عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام زين العابدين ومنار القانتين، كان عابداً وفيّاً وجواداً صفيّاً..".
5 ـ قال صفيّ الدين: " كان زين العابدين عظيم الهدى والسمت الصالح..".
6 ـ قال النووي: " وأجمعوا على جلالته في كلّ شيء..".
7 ـ قال عماد الدين إدريس القرشي: " كان الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين أفضل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وأشرفهم بعد الحسن والحسين عليهم جميعاً الصلاة والسلام، وأكثرهم ورعاً وزهداً وعبادة ".
8 ـ قال النسّابة الشهير ابن عنبة: " وفضائله عليه السلام أكثر من أن تحصى أو يحيط بها الوصف ".
9 ـ قال الشيخ المفيد: " كان عليّ بن الحسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً، وقال: قد روى عنه فقهاء العامّة من العلوم ما لا يحصى كثرة، وحُفِظ عنه من المواعظ والأدعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العلماء...".
10 ـ وقال ابن تيمية: " أمّا عليّ بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علماً وديناً... وله من الخشوع وصدقة السرّ وغير ذلك من الفضائل ما هو معروف ".
11 ـ قال الشيخاني القادري: " سيّدنا زين العابدين عليّ بن الحسين بن أبي طالب اشتهرت أياديه ومكارمه، وطارت بالجوّ في الجود محاسنه، عظيم القدر، رحب الساحة والصدر، وله الكرامات الظاهرة ما شوهد بالأعين الناظرة وثبت بالآثار المتواترة.. ".
12 ـ قال محمّد بن طلحة القرشي الشافعي: " هذا زين العابدين، قدوة الزاهدين، وسيّد المتقين، وإمام المؤمنين، شيمته تشهد له أنّه من سلالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسمته يثبت مقام قربه من الله زلفاً، وثفناته تسجّل له كثرة صلاته وتهجّده، وإعراضه عن متاع الدنيا ينطق بزهده فيها، درّت له أخلاق التقوى فتفوّقها، وأشرقت له أنوار التأييد فاهتدى بها، وآلفته أوراد العبادة فآنس بصحبتها، وحالفته وظايف الطاعة فتحلّى بحليتها، طالما اتّخذ الليل مطيّة ركبها لقطع طريق الآخرة، وظمأ الهواجر دليلاً استرشد به في مسافة المسافرة، وله من الخوارق والكرامات ما شوهد بالأعين الباصرة وثبت بالآثار المتواترة وشهد له أنّه من ملوك الآخرة..".
13 ـ قال الإمام الشافعي: " إنّ عليّ بن الحسين أفقه أهل المدينة ".
14 ـ قال الجاحظ: " وأمّا عليّ بن الحسين فلم أرَ الخارجي في أمره إلاّ كالشيعي، ولم أرَ الشيعي إلاّ كالمعتزلي، ولم أرَ المعتزلي إلاّ كالعامي، ولم أرَ العامي إلاّ كالخاصي، ولم أجد أحداً يتمارى في تفضيله ويشك في تقديمه..".
15 ـ قال سبط ابن الجوزي: " وهو أبو الأئمّة وكنيته أبو الحسن ويلقب بزين العابدين وسمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله سيد العابدين... والسجاد; وذي الثفنات، والزكي والأمين..".